انتهزت فرصتها المحققة لتلوذ بالفرار بعد أن كان شروق الشمس هو موعد صحوتها
لتطير في السماء !
وتستدفيء تحت أشعة الشمس في الشتاء خوفاً من البرد
وتستظل تحت أشجار الطرقات في الصيف الشديد
بعد أن كانت تغدو وتروح في ذلك السرب من الطيور
وتشرب إن أصابها التعب من ماء تلك الحنفية التي ينهمر منها الماء ليل نهار كأنها شلال لاينقطع
لربما كنت أدرك في الأونة الأخيرة غيابها الكثير دون أسباب تذكر
إلا أنها عندما تعود كانت تجلب معها أعواداً صغيرة حادة تلقيها على الأرض
وكانت تصيبني تلك الأعواد كلما مشيت
وتزعجني كلما رأيتها وهي تجلب الكثير منها وتلقيها على الأرض
وتعاود لتشرب من تلك الحنفية وتغادر
كنت أفسر ذلك بأنها تنوي بناء عش قريب من تلك الحنفية وفي أعلى تلك الشجرة المثمرة
جمعت تلك الأعواد وأخذت أرتبها من صغير ومن كبير
فلما جاءت في صباح اليوم التالي قامت بنثرها كما كانت
وجمعت المزيد من تلك الأعواد ونثرتها مع البقية ، ووقفت وأنا منذهل لسوء المنظر الذي أراه
فقد بدا المكان متسخ بتلك الأعواد إضافة أن تلك الأعواد كانت تعيقني على المشي بجوارها
فكرت في أن القيها في مرمى النفايات لكني كنت أتريث في هذا القرار
انتظرت عدة أيام والحال كما هو وتلك الأعواد تتزايد
عجباً لها تستقي من حنفيتي التي أسقي بها أشجاري ومن ثم تتعمد توسيخ موطأ قدمي
انتظرت لليوم التالي ورأيت أنها لاتشرب من حنفيتي ،فقط تقوم بوضع تلك الأعواد على الأرض كما هي عادتها
استمرت تفعل ماتشاء ثم توارت عن الأنظار
وماعدت ألحظ لها أثراً
احتفظت بأعوادها برهة من الزمن ألقيتها بعيداً ..
أحسست بأني جرحتها لذلك لاذت بالفرار
لأني كنت أتعمد مراقبتها وهي تشرب الماء وتطير هنا وهناك
لكنها أيضاً جرحتني كثيراً بتلك الأعواد ، فقد كانت لاتلقي بالاً لذلك وكأن ماتفعله له مغزىً بداخلها
وفي كل مرةِ أستذكر هذه القصة يؤنبني الضمير تارة ، وتارة أضحك من هذا الجنون
لكن مازال بداخلي أمل أنها ستعود للبحث عن أعوادها التي خلفتها أو لتشرب الماء.
لكم تحيتي *ــــــ*
